سورة الروم - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الروم)


        


قانتون: طائفون منقادون. المثل الأعلى: الوصف الارفع، الصفة العليا لا يشاركه فيها احد. مما ملكت أيمانكم: من العبيد.
ولله كلُّ من في السموات والارض من الأحياء والجمادات كلٌّ له خاضعٌ منقاد. وهو الذي يبدأ الخلق على غير مثال، ثم يعيده بعد الموت، والاعادةُ أهونُ عليه من البدء. وله الوصف الأرفع لا يشاركه احد فيه.
{وَهُوَ العزيز الحكيم} لا يغالَب ولا يغلَب، حكيم في تدبيره وتصريف شئونه فيما اراد.
لقد بين لكم الله مثلا منتزعا من أنفسكم: هل لكم من عبيدِكم شركاءَ في أموالكم فأنتم وهم سواء في التصرف فيها، تخافون منهم الاستبدادَ في التصرف فيها كما يخاف بعضكم بعضا؟ إذا كان أحدكم يأنف ان يساويه عبيدُه في التصرف بأمواله، فكيف تجعلون لله أنداداً من خلقه؟ {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيات لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}.
ثم بيّن الله ان المشركين إنما عبدوا غيره سَفَهاً من أنفسهم وجهلاً بغير علم فقال: {بَلِ اتبع الذين ظلموا أَهْوَآءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ الله}؟ لا أحد....
{وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ} ليس لهم من يشفع لهم ويدفع عنهم عذابَهُ يومَ القيامة.


أقمْ وجهك للدين: أَقبل عليه وأخلص له. حنيفا: مائلا من الشر إلى الخير، بعيدا عن الضلال. فطرةَ الله: خلقة الله. القيم: المستقيم. منيبين: راجعين اليه بالتوبة، واخلاص العمل. فرّقوا دينهم: اختلفوا فيما يعبدونه. شيعا: فرقا مختلفة.
وتوجّه يا محمد إلى هذا الدين المستقيم، بعيداً عن العقائد الزائفة، فهو دينُ الفطرة التي خلق الله الناس عليها، وهي الاسلام.
{ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ}
لذا يحسبون ان الدِين أمرٌ معقّد يحتاج إلى وسطاء بين الله وعباده ليفسروه لهم ويهدوهم اليه. أما هذا الدين فهو يصل الإنسان بالله دون واسطة.
ولما كان الخطاب للرسول الكريم وأصحابه رجع إلى صيغة الجمع فقال: {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ} أي: أقيموا وجوهكم للدّين تائبين إلى الله، واتقوه، واقيموا الصلاة، ولا تكونوا من المشركين الذي اختلفوا في دينِهم وكانوا فِرقاً واحزبا {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}.
قراءات:
قرأ حمزة والكسائي وابن عامر: {من الذين فارقوا} بالالف. والباقون: {فرّقوا} بتشديد الراء.


منيبين اليه: راجعين اليه بالتوبة. سلطانا: حجة وبرهانا. يَقدر: يضيق. ابن السبيل: المسافر الذي انقطع عن ماله وأهله. الربا: الزيادة. المضعِفون: الذين يضاعف الله لهم الأجر.
في هذه الآيات الكريمة صورةٌ للنفس البشرية وتقلُّب الأهواء في السّراء والضراء وعند قبْضِ الرزق وبسطِه. فبعد أن أرشد الله سبحانه إلى التوحيد، وأقام الادلة عليه، وضرب المثل له- أعقبه هنا بذِكر حال للمشركين يُعرفون بها، وهي أنهم حين الشدة يتضرعون إلى ربهم وينيبون اليه، فإذا خَلَصوا منها رجعوا إلى كفرهم واوثانهم. لذلك خاطبهم الله بصورة الأمر مع التهديد بقوله: {لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}.
فليضِلّوا ما شاؤا، فان لهم يوماً يرجعون فيه إلى ربهم.... تمتّعوا كما تشاؤن، فسوف تعلمون عاقبتكم.
ثم انكر على المشركين ما اختلقوه من عبادةِ غيره بلا دليل فقال: {أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُواْ بِهِ يُشْرِكُونَ}
هل أنزلنا على هؤلاء الذين يشركون في عبادتنا الأوثانَ والأصنامَ كتاباً فيه تصديقٌ لما يقولون، حتى يكون لهم شبه العذر فيما يفعلون!!
ثم ذكر حالَ طائفة من الناس دون سابقيهم، وهم من تكون عبادتُهم الله رهنَ إصابتهم من الدنيا... فإن آتاهم ربهم منها رَضُوا وفرحوا، واذا مُنعِوا سَخِطوا وقنِطوا فقال: {وَإِذَآ أَذَقْنَا الناس رَحْمَةً فَرِحُواْ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ}
فلو انهم آمنوا ايمانا صادقاً لسلَّموا أمرهم إلى الله واستراحوا. وفي الحديث الصحيح:
عجبا للمؤمن، لا يقضي الله له قضاءً الا كان خيراً له، فان أصابته سراء شكرَ فكان خيرا له، وان اصابته ضراء صبر فكان خيراً له.
{أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ الله يَبْسُطُ الرزق لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}
وهذا انكارٌ من الله على هؤلاء الناس لما يلحقهم من اليأس والقنوط.... ألم يشاهِدوا ويعلموا ان كل شيء بيدِ الله؛ يوسف الرزق على من يشاء، ويضيقه على من يشاء بحسب ما تقتضيه حكمته!!
{فَآتِ ذَا القربى حَقَّهُ والمسكين وابن السبيل ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ الله وأولئك هُمُ المفلحون}
بعد أن بيّن الله تعالى انه هو الذي يرزق ويمنع- بيّن هنا الطريقَ الذي به تزداد أموالهم فيه وتربح، فاذا كان المال مالَ الله أعطاكم إياه، فأعطوا الأقرباءَ من الفقراء، والمساكين الذين لا يعملون، والغريبَ المسافرَ الذي نفد مالُه ولا يستطيع ان يرجع إلى بلده... أعطوهم مما آتاكم الله، ذلك هو الخيرُ للذين يريدون رضا الله ويطلبون ثوابه، والفاعلون له هم الفائزون بالنعيم المقيم.
وقد جاء في الحديث الصحيح: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضا» رواه البخاري ومسلم.
{وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ الناس فَلاَ يَرْبُو عِندَ الله وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ الله فأولئك هُمُ المضعفون}.
وما أعطيتم من مال ليزيد وينمو في أموال الناس على طريق التسليف بفائدةٍ فانه رِبا حرّمه الله ولا يمكن ان يزيدَ لكم عند الله. أما ما أعطيتم من صدقاتٍ تبتغون بها وجه الله فهو الذي يضاعِف الله به حسناتكم أضعافا مضاعفة.
ولما بين الله انه لا زيادة الا فيما يزيده، ولا خير الا في الطريق المستقيم والبذل في سبيله- أكد ذلك بقوله: {الله الذي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُمْ مِّن شَيْءٍ}؟
إنه الله، هوالذي خلقكم ثم أعطاكم الرزق الذي تعيشون به، ثم يقبض أرواحكم في هذه الدنيا، ثم يحييكم يوم القيامة، فهو الذي يستحق العبادة.... هل يستطيع احدٌ من الذين تبعدونهم ان يعمل لكم شيئاً مما ذكر؟ الجواب: لا. {سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ}؟
قراءات:
قرأ الكسائي وأبو عمرو: {يقنِطون} بكسر النون، والباقون: بضمها. وقرأ ابن كثير: {وما أتيتم} بالهمزة دون مد، والباقون: {وما آتيتم} بالمد. وقرأ نافع ويعقوب: {لتربوا} بالتاء. والباقون: {ليربوا} بالياء. وقرأ حمزة والكسائي: {تُشركون} بالتاء. والباقون: {يُشركون}.

1 | 2 | 3